بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
هل تعرف الباكستاني مُنقذ الـ 14 في سيول جدة ( رجل من ذهب كشفت معدنه سيول جدة )
كم هي التضحيات رائعة وكم نحن مدينون لمن يضحي من أجلنا، وحين يضرب الناس أمثلة كثيرة في التضحية والبذل، تراهم يبذلون ذلك من أجل أغراض كثيرة، وأهداف شتى، بعضها هابط كأدنى درجات الهبوط، وبعضها سام سمو قمم الجبال، وبطلنا كان من هؤلاء الناس الذي يعطون بدون مقابل، ويرحلون بلا أضواء ولا ضجيج!!
إنه البطل الباكستاني فرمان خان -32 عاماً- الذي طلبت بُنياته الثلاث الصغيرات زبيدة (7 سنوات)، ومديحة (6 سنوات) وجريرة (4 سنوات)، إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه في موطنه، ومن حقه علينا ألا تسقط تضحيته من الذاكرة وأن نُجازي إحسانه إلى الذين قدر الله لهم النجاة على يديه، بإحساننا إلى أهله وأن نخلفه فيهم بخير.
فرمان كان لا يجيد العربية إلا بمشقة متلعثماً في كثير من حروفها وكلماتها، إلا إنه كان يجيد لغة الشهامة بفصاحة مطلقة قد يعجز عنها الكثير من أهل الضاد الذين تركوا الغرقى يكابدون مرارة السيل، وانهمكوا إما في سلب الغنائم من السيارات التي هامت مع السيل، أو في تصوير مشاهد الدمار للحصول على صور للذكرى النادرة، بينما اختاره الله دون غيره لحكمة يعلمها سبحانه وأحيا به 14 نفساً دفعة واحدة، وكأنما أحيا الناس جميعاً أربعة عشرة مرة، حين تحدى الطوفان وانتشل هؤلاء من الغرق وخلصهم من قبضة السيل العرم.
لم ينتظر فرمــان قرارا من مسئول ولا حضورا إعلاميا ولم يسعى إلى موسوعة جينس ليحطم رقم قياسي في الإنقاذ، بل استخدم دواليب سيارات وحبلاً وألواحاً خشبية لإنقاذ 14 نفساً تستغيث، وحينما هم بإخراج الشخص الـ15 جرفه السيل محتضناً الحبل الذي أنقذ به أرواح غيره.
أربعة عشر مرة يربط الحجارة في طرف الحبال ويرميها للمستغيثين، وتضربه أمواج السيل وتحاول أن تجرفه ولكنه يتشبث فيوفقه الله في انتشالهم واحدا بعد الآخر ، فيزمجر السيل وتتلاطم أمواجه في وجه فرمان ، أربعة عشرة مرة تهزم إرادة فرمان إرادة السيل، فيبيت الأخير النية ويتحين الفرصة، وحين يختل توازن فرمان وهو ينقذ الضحية الخامسة عشر وفي طرفة عين ينقض عليه السيل ويجرفه إلى حيث ينال ثوابه في الآخرة إن شاء الله.
لم يعبأ السيل بأن الشهيد بإذن الله حاصل على شهادة جامعية وشهادة في فن الكاراتيه ولديه العديد من الشهادات في الأعمال التطوعية في باكستان، وقد راقبه وهو يخرج من منزله في الكيلو 13 محاولاً إيجاد ألواح خشبية كان يمدها ليتشبث بها الغرقى، و إطارات سيارات و حتى حبلاً غير مبال بغدرة السيل، أو وجود شحنات كهربائية محتملة بين أمواجه.
لقد آتت بذرة التضحية التي أرساها الإسلام في نفوس أتباعه من عرب وعجم أكلها في محنة هذا السيل، وأنبتت أمةَ الإسلام الباسقة -ولا تزال - أمثال البطل الشهيد الباكستاني فرمان خان، الذي ضحى بنفسه التي بين جنبيه في سبيل نجاة أنفس لا يعرفها ولم يجتمع معهم بنسب ولا مصلحة دنيوية ولكنها الشهامة والرجولة، لقد قدم الغالي لينال الأغلى، وباع النفيس ليشتري الأنفس في الجنة.
وإن كان السيل قد أسدل الستار على حياة بطلنا الشهيد، فإنه لم ولن يسدل الستار على ذكراه التي يجب أن تمتد لتشمل الإحسان إلى بنياته الثلاث فمن حقهن ليس فقط بمليون ريال أسوة بشهداء المملكة، بل لا نجاوز الحق إذ نقول حقهن في أربعة عشر مليون ريال، أنقذ والدهن حياة أصحابها من الغرق.
فمن يكرم عائلتك يا فرمان ؟!
ومن يرفع وسام الدرجة العالية على صدر عائلتك ..!
همسة / في الحديث [ إذا أراد الله بعبد خيرا عسله فقيل: وما عسله؟ قال: يفتح له عملا صالحا قبل موته ثم يقبضه عليه
وقال تعالى في إنقاذ النفس
ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا
وقال صلى الله عليه وسلم:
« مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ فَقَالَ وَاللَّهِ لأُنَحِّيَنَّ هَذَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ لاَ يُؤْذِيهِمْ. فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ ».
فماذا نقول في مثل هؤلاء الأبطال الذين نعتز بهم دائما
ولا نقول إلا :
الله لا تحرمنا أجره واجمعنا وإياه في دار مستقر رحمتك
آمين